الاثنين، 9 أبريل 2012

خيط السواد..

خيطُ السوادِ على شفيرِ بياضَ..!

على شاطئ البحر مع العائلة كنا جلوسا..نظر إلي والدي-حفظه الله- وتعلو وجهه ابتسامة خفيفة قائلا لي :
لقد ازادا الشيب في شعر رأسك..!!
أمسكت شعر رأسي بيدي وأجبته : نعم ...ثم ضحكت... ولا أكثر من ذلك..

بعد أن عدت للمنزل نظرت في المرآة نظرة عابرة .. فتوجهت عيناي مباشرة إلى شعري ، وكأن عقلي يقول لي تأكد مما سمعته اليوم..
وفعلا كأن الشعرات البيض تناديني من بين أخواتها السود رافعة يدها تشير إليَّ بتميزها.. تماما كطالب مشاكس يصرخ في فصل تميز بالهدوء ليثير الحنق والسخط..
كانت تقف تلك الشعرات البيض بكبرياء وكأنها تقول لي : لم أعد قلة مستضعفة كالسابق...بل أنا كيان لابد من الاعتراف به..وسأواصل مشواري..

صمتُّ قليلا ثم..


تكلم الشعر الأسود قائلا للشيب 

هدء نــشــاطك لا تكـن مـتــفـان ::::: في صبـغــنـا بفـواتـح الألـوانِ

ما أن يصيب الشيب موضع إبرة ::::: حـتــى تـراه بسـائـر الأبــدانِ

لا تجتهـد في نقلنـا مـن شـكلنـا ::::: والّــزم حُـدودك يـارفـيـع الشانِ

إنّـا لـنعـلم أنّـنـا قـد نـنـتـــهي ::::: ويَصـيــر لـونـك بـارق اللمــعانِ

الشيب يُنسـيـنـا الصِّبـا بجماله ::::: فـالشيـب في الإنسان شيء ثـانِ

عبثـا يحـاول أن يشتت شـملنـا ::::: فيـصـير أصـلا بـالـغ الطغيـانِ

لا تـزرع اليـأس الـمُخيف بذاتنا ::::: وارحـل ولا تظـهر على الأعيانِ



فرد الشيب عليه

أنـــا إن أزورك مـرة بـعـجـالة ::::: سـأحط رحـــلي دائـمَ الأزمـانِ

الشيب لا يعني ابيضاض ملامحٍ ::::: أو صـبـغـة وتـغيـــر الألـوانِ

الشيب أكبر من مظـاهـره التي ::::: بـاتت تؤرقكـم بني الإنـسـانِ

الشيب ضـعّـفٌ أو نذير مـفــارق ::::: الــشـيب إشـعـار بـأنـك فـانِ

من ذا الذي فنيت نفـائس عمره ::::: دون اللقـاءِ بِلَـونِـيَ الفـتّـانِ

أنا واقـعٌ فـرض التبـدّل عنوةً ::::: أنا واقـع للـهـمِّ والأحــزانِ

أنا مـن يُـحيل جمـال ليل هادئٍ ::::: لـمـزيج ألـوان حوت ومعـانِ

الشيب أحـــوالٌ تؤرقُ عاقلاً ::::: فيـزيدُ من عِلـمٍ ومن إيمــانِ

والشيب أحــوال تُغرِّرُ جاهلاً ::::: ليزيد من لـهوٍ ومـن نـكـرانِ

ما بين ذاك وذا أمـور عــدةٌ ::::: خَفِيَت وأُخـرى أُظهِرَت ببيـانِ




أسكتهما وخاطبت سواد شعري قائلا

هدء حماسـك لا تكُن متشـائمـا ::::: ودع البياض بُشـغله وكيــانِ

هو عـازمٌ ألا يعيق طريقَـهُ ::::: شـيء وإن بـدّلـتُ فـي الألــوانِ

واعلم بأن تبـدل الأحـوال مِـن ::::: سُـنَنِ الإلــه الــواحد الديّــان

لا لن يـدوم الحـال في أشكـاله ::::: وبـواطن الأشخـاص كالأبدانِ

لابأس في أن يستـحـلّ مقامكم ::::: مـن حـان وقت قدومه بـأوانِ




ثم توجهت للشيب قائلا له

ياشيب أهلا إن حللت بأرضـنـا ::::: ومع السلامةِ إن مضيت لشـانِ

أنا لا أرى فــيــك الـتـشـاؤمَ بـتـةً ::::: طـبعي الــتـفـاؤل هكـذا تلقـانِ

إنا راضيٌ فيما أصاب عوارضي ::::: لـن أشتكي من صُنعِكُم بـكيانِ

إن حلَّ لـونك كامـلاً في لاحـتي ::::: ذاك اللــقـاء مُحَــتَّـــمٌ لِـزمـانِ

أبدعت ياشيب الزمان موضحـا ::::: حال الحيـاةِ لدى بني الإنسـانِ

ورسـمت في قلبي إضـاءةِ لوحةٍ ::::: وجعلتـهـا تـزهو بــــلا فنّـانِ

ونسجت حـولي ذكريـاتٍ جــمةٍ ::::: سطِّـرت ديـوانـا بــــلا عنـوانِ

الشيب نورٌ أو تـراكـم خــــبرةٍ ::::: الشــيــب تجـــديـــدٌ لكـل جـنـانِ

الشيبُ تــهيـيئُ النفوسِ لِـرِفـعةٍ ::::: الــشــيــبُ إِشـعـارٌ بقـلب حـانِ

والشيبُ إنـــذارٌ لأن تحيـا فتـاً ::::: ينـأى بـواقِعِـهِ عـــن الخُـســرانِ

إن شابَ شعري لن تشيب عزيمتي ::::: فـعزيـمـتـي ستثورُ كالبركانِ



كتبه/

د.حسين عيادة

7/11/2010م   الموافق 1/1/1432هـ
نبض الحياة

2 التعليقات:

ما شاء الله تبارك الله وزادكم الله من فضله في الحقيقة اكثر من رائع ...

ياشيب أهلا إن حللت بأرضـنـا ::::: ومع السلامةِ إن مضيت لشـانِ

أنا لا أرى فــيــك الـتـشـاؤمَ بـتـةً ::::: طـبعي الــتـفـاؤل هكـذا تلقـانِ

إنا راضيٌ فيما أصاب عوارضي ::::: لـن أشتكي من صُنعِكُم بـكيانِ


,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

تبارك الله

إرسال تعليق

يسعدنا نبضك هنا..