الاثنين، 30 أبريل 2012

املكها بوضوح..



لم أرَ على حدِّ علمي من وصل إلى هدفه دون أن يرى طريقه حسيا أو معنويا..
رؤية حـسـيـة بمشاهــدة أو سماع أو لمس..
رؤية معنوية بتخيل وتشكيل صورته ذهنيا..

هكذا وضوح الرؤية وإلا فلا وصول للهدف..


ألم تشاهدو مباراة كرة القدم للمكفوفين..؟
يضعون في الكرة جرسا يصدر الصوت ليشعروا بمكان وجودها فيتسابقون نحوها.. ويحققون الهدف..!!

فما بالنا نرى حولنا من يعيش الحياة مبصرا دون إحساس بالهدف ..؟

أتعجب ممن يتحركون في هذه الحياة ولا رؤية لديهم ماذا يريدون..؟
لايعلمون إلى أين هم متجهون.. !!
أفرادا كانوا أم جماعات..




ما فائدة القوس مع أمهر الرماة مالم يرَ الهدف.. ؟!



ما قيمة الكرة مع أفضل اللاعبين ما لم يتضح الهدف.. ؟!


كذلك ما قيمة الحياة مع الإنسان مالم يعرف الهدف.. ؟!



الرؤية مهمة لكل فرد.. لكل أسرة.. لكل مجتمع.. لكل دولة وأمة..

ببساطة.. أزل الغبار عن الزجاج الأمامي لمركبة الحياة التي تعتليها..
وانظر أمامك جيدا..لترى الطريق..
وكن على علم بأي الطرق التي تناسب حياتك..
تأمله جيدا..
وعندما تصبح الرؤية واضحة انطلق بكل عزيمة..

ولنتذكر :
لن يصل لمبتغاه من لم يرَ من البداية منتهاه..
حدد رؤيتك..
وانـــــطـــــلــــق...




نبض الحياة



الاثنين، 9 أبريل 2012

خيط السواد..

خيطُ السوادِ على شفيرِ بياضَ..!

على شاطئ البحر مع العائلة كنا جلوسا..نظر إلي والدي-حفظه الله- وتعلو وجهه ابتسامة خفيفة قائلا لي :
لقد ازادا الشيب في شعر رأسك..!!
أمسكت شعر رأسي بيدي وأجبته : نعم ...ثم ضحكت... ولا أكثر من ذلك..

بعد أن عدت للمنزل نظرت في المرآة نظرة عابرة .. فتوجهت عيناي مباشرة إلى شعري ، وكأن عقلي يقول لي تأكد مما سمعته اليوم..
وفعلا كأن الشعرات البيض تناديني من بين أخواتها السود رافعة يدها تشير إليَّ بتميزها.. تماما كطالب مشاكس يصرخ في فصل تميز بالهدوء ليثير الحنق والسخط..
كانت تقف تلك الشعرات البيض بكبرياء وكأنها تقول لي : لم أعد قلة مستضعفة كالسابق...بل أنا كيان لابد من الاعتراف به..وسأواصل مشواري..

صمتُّ قليلا ثم..


تكلم الشعر الأسود قائلا للشيب 

هدء نــشــاطك لا تكـن مـتــفـان ::::: في صبـغــنـا بفـواتـح الألـوانِ

ما أن يصيب الشيب موضع إبرة ::::: حـتــى تـراه بسـائـر الأبــدانِ

لا تجتهـد في نقلنـا مـن شـكلنـا ::::: والّــزم حُـدودك يـارفـيـع الشانِ

إنّـا لـنعـلم أنّـنـا قـد نـنـتـــهي ::::: ويَصـيــر لـونـك بـارق اللمــعانِ

الشيب يُنسـيـنـا الصِّبـا بجماله ::::: فـالشيـب في الإنسان شيء ثـانِ

عبثـا يحـاول أن يشتت شـملنـا ::::: فيـصـير أصـلا بـالـغ الطغيـانِ

لا تـزرع اليـأس الـمُخيف بذاتنا ::::: وارحـل ولا تظـهر على الأعيانِ



فرد الشيب عليه

أنـــا إن أزورك مـرة بـعـجـالة ::::: سـأحط رحـــلي دائـمَ الأزمـانِ

الشيب لا يعني ابيضاض ملامحٍ ::::: أو صـبـغـة وتـغيـــر الألـوانِ

الشيب أكبر من مظـاهـره التي ::::: بـاتت تؤرقكـم بني الإنـسـانِ

الشيب ضـعّـفٌ أو نذير مـفــارق ::::: الــشـيب إشـعـار بـأنـك فـانِ

من ذا الذي فنيت نفـائس عمره ::::: دون اللقـاءِ بِلَـونِـيَ الفـتّـانِ

أنا واقـعٌ فـرض التبـدّل عنوةً ::::: أنا واقـع للـهـمِّ والأحــزانِ

أنا مـن يُـحيل جمـال ليل هادئٍ ::::: لـمـزيج ألـوان حوت ومعـانِ

الشيب أحـــوالٌ تؤرقُ عاقلاً ::::: فيـزيدُ من عِلـمٍ ومن إيمــانِ

والشيب أحــوال تُغرِّرُ جاهلاً ::::: ليزيد من لـهوٍ ومـن نـكـرانِ

ما بين ذاك وذا أمـور عــدةٌ ::::: خَفِيَت وأُخـرى أُظهِرَت ببيـانِ




أسكتهما وخاطبت سواد شعري قائلا

هدء حماسـك لا تكُن متشـائمـا ::::: ودع البياض بُشـغله وكيــانِ

هو عـازمٌ ألا يعيق طريقَـهُ ::::: شـيء وإن بـدّلـتُ فـي الألــوانِ

واعلم بأن تبـدل الأحـوال مِـن ::::: سُـنَنِ الإلــه الــواحد الديّــان

لا لن يـدوم الحـال في أشكـاله ::::: وبـواطن الأشخـاص كالأبدانِ

لابأس في أن يستـحـلّ مقامكم ::::: مـن حـان وقت قدومه بـأوانِ




ثم توجهت للشيب قائلا له

ياشيب أهلا إن حللت بأرضـنـا ::::: ومع السلامةِ إن مضيت لشـانِ

أنا لا أرى فــيــك الـتـشـاؤمَ بـتـةً ::::: طـبعي الــتـفـاؤل هكـذا تلقـانِ

إنا راضيٌ فيما أصاب عوارضي ::::: لـن أشتكي من صُنعِكُم بـكيانِ

إن حلَّ لـونك كامـلاً في لاحـتي ::::: ذاك اللــقـاء مُحَــتَّـــمٌ لِـزمـانِ

أبدعت ياشيب الزمان موضحـا ::::: حال الحيـاةِ لدى بني الإنسـانِ

ورسـمت في قلبي إضـاءةِ لوحةٍ ::::: وجعلتـهـا تـزهو بــــلا فنّـانِ

ونسجت حـولي ذكريـاتٍ جــمةٍ ::::: سطِّـرت ديـوانـا بــــلا عنـوانِ

الشيب نورٌ أو تـراكـم خــــبرةٍ ::::: الشــيــب تجـــديـــدٌ لكـل جـنـانِ

الشيبُ تــهيـيئُ النفوسِ لِـرِفـعةٍ ::::: الــشــيــبُ إِشـعـارٌ بقـلب حـانِ

والشيبُ إنـــذارٌ لأن تحيـا فتـاً ::::: ينـأى بـواقِعِـهِ عـــن الخُـســرانِ

إن شابَ شعري لن تشيب عزيمتي ::::: فـعزيـمـتـي ستثورُ كالبركانِ



كتبه/

د.حسين عيادة

7/11/2010م   الموافق 1/1/1432هـ
نبض الحياة

الاثنين، 2 أبريل 2012

ابنة القصر..والأسوار الفولاذية..


(هذه القصة الرمزية المختصرة تحكي واقعا يعيشه كل فرد منا.. لفهم أهدافها أنصحك أن تكملها لتصل إلى مفاتيح الحكاية)

منذ نشأتها..عاشت مدللةً مرفهةً في القصر..
تلهو وتلعب ويُطاف عليها بما تشاء ولا تتعب..
تدور وتتبختر كما تريد.. ولو شاءت من المزيد أعطوها المزيد..
كلماتها.. حركاتها .. سكناتها تحت النظر..
لكنها ورغم ذلك كله لا تعيش إلا في حدود القصر..
نعم في حدود القصر فقط..
فهي المدللة.. أميرة القصر.. وابنة القصر.. وجوهرة القصر..



كل يوم تنظر من نافذة غرفتها الفارهة
تبصر جمال زُرقة السماء ..
تشعر بعليل النسيم والهواء..
تنظر لباسق الشجر يلاعبه المطر..
تتأمل روعة الزهور في طريق البشر..
تستمتع بزقزقة العصافير على الأغصان..
تطرب لنشيد الصياد على المركب بكل أمان..



صور جميلة.. مشاهد حميمة.. مواقف لطيفة..
تثيرها التساؤلات عن تلك الحياة الحقيقية..؟!!
والجواب واحد..
أنها حبيسة قصرها مهما رأت أو سمعت ..
مشاعرها تختلج صدرها وهي في حدود قصرها..

تدفعها مشاعرها.. تتأهب همتها.. تتوق نفسها  لتخرج لذلك العالم ..
لتعايش تلك الصور .. لتبحر في روعة الحياة الحقيقية
لكن
تمنعها الأسوار الفولاذية..
حدود.. قيود .. سدود.. أيا كانت فهي تمنعها..


نعم تلك الأسوار الفولاذية
نُصبت حول قصرها بحجــة حمايتها من الانتقاص..
أُقيمـت حول قصرها بذريعة الحفاظ عليها من السرقة..
شُيـدت حول قصرها بـزعـم إسعادها في عالم خاص..

يراودها الأمل.. فتعيقها ضخامة الأسوار.. وتُنهكها قوة الأقفال..


تحاول جاهدة تناسي ما زرعوه حولها زاعمي حُبها من التخويف والتشكيك والتعالي عن العالم الخارجي ..



وهكذا تمضي أيام ابنة القصر.. 
لتعيش مدى العمر في القصر ..!!
لتكبر في القصر..!!
وتفرح في القصر..!!
وتلهو في القصر..!!
وتهرم في القصر..!!
حتى ماتت في القصر..!!
وما رأت سوى القصر..!!
ولم يعلم بها سوى صاحب القصر..


وكان لها أمنية ..

حفظتها بصدرها.. وحملتها في عقلها.. وأحبتها من قلبها..
(( أن تعيش يوما خارج القصر.. ))
(( أن تعيش الواقع لا الحلم.. ))
(( أن تجرب كيف تصارع الألم.. ))
(( أن تكافح كما يكافحون.. ))
(( وأن تشعر بالنجاح الحقيقي الذي يشعرون.. ))

ولو أنها عبرت الأسوار والسدود..              
                           لـــ كتب لها في التاريخ الـخـلـود..


مفاتيح الحكاية

ابنة القصر = أفــكـارنا الــجـمــيــلــة..
الــقــصــر = عـقـولـنـا حـامـلـة الفكرة..
العالم الخارجي = الــواقــع الـعـمـلـي الـحقيقي
الأسوار الفولاذية = نمطيتنا وروتيننا وتحجرنا وخوفنا الذي ننصبه حجة أمام تغيرنا نحو الأفضل..



كتبها/
د.حسين عيادة
احتضنوا أفكاركم .. واصنعوا التغيير..

نبض الحياة