الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

حــرّر طـائــرك



يمكن القول أننا كثيرا ما ننظر لأفكارنا كطيور تريد التحليق في السماء.. وكل أمنياتنا أن ينجح طائر فكرتنا بالتحليق..
لكننا نتفاجأ بشباك ترمى وشراك تنصب وقضبان توضع في طريق ذلك الطائر اليافع لتطوقه وتمنعه من الطيران..

وعندما نتعرض لتلك المواقف واللحظات المؤلمة نشعر غالبا بحاجتنا لتغيير المكان.. نعم نرغب بمغادرة المكان الذي تسبب بسجن طيور أفكارنا.. ونرغب بمفارقة الأشخاص الذين امتدت أيديهم إلى طيور أفكارنا محاولة سجنها وثنيها بل وقتلها أحيانا..

أكاد أجزم أنه في تلك اللحظات يخالجنا شعور عارم أن واقعا كهذا لا يستحق أن نعيش فيه أونكون جزءا منه.. خصوصا إن كان ذلك الطائر هو طائر الأحلام الذي سنحمل عليه مستقبلنا وطموحنا..

ووقتها نتصور في خيالنا مدينة الأحلام وواقع المثالية الذي يرعى طيور الأفكار الجديدة بكل سهولة.. ويسمح لها بالتحليق عاليا في سمائه.. 
نرسمها صورة في أذهاننا لواقع ومكان مختلف يتملكنا شعور الرغبة للعيش فيه ومغادرة واقعنا والابتعاد عنه..

أدرك هذا الشعور جيدا بل إني جربته كثيرا..
ويدرك ذلك كل من وُجهت الشباك والشراك ونصبت القضبان لتحبس طيور أفكاره بالسجن يوما ما  أو ربما حُكم عليها بالموت سواء في المنزل أو المدرسة أو العمل أو مع الأصدقاء أو في المجتمع بل حتى هنا على شبكة الانترنت..

لذلك أعتقد أن المغادرة والابتعاد ليست حلا..
فأينما ذهبنا في هذه الحياة فوق أي أرض وتحت أي سماء سنجد نماذج لتلك الأيادي المثبطة وأولئك السجانين السلبيين يحيطون بنا..!!

سنجدهم يسخرون بالكلمات.. يثبطون بالعبارات .. يلمزون بالإشارات والحركات.. وهذا دورهم وفعلهم تجاه الأفكار الجديدة والتي تفوق ما يستطيعون أو يظنون..

سنجد من يحاول تقييد طيورنا في كل مكان.. وستواجه طيورنا الشباك والشراك والقضبان من جديد وبأنواع مختلفة وقوى متفاوتة في كل مرة تنطلق بها ..


فلا واقع لمدينة الأحلام المثالية هنا.. وما ذلك إلا خيال لن تقتات منه طيور أفكارك لتحلق.. لأن من يصنع ذلك بطيور أفكارنا أيادٍ تعيش معنا وبيننا وحولنا..!
واللبيب من يدرك كيف يتعامل بذكاء مع سجاني الأفكار ووسائلهم..
فقبل أن تحلق طـيورك في الـسـمــاء عـالـيــــا.. 
                           لابد أن تـحــلـق عـالـيـا في عقلك..
وقبل أن تستنشق طيورك الــهـــواء خـارجــــا.. 
                           لابد أن تستنشق نقـيـا في داخلك..
وقبل أن تتحرر طيورك من قـيـود الآخـــرين.. 
                            لا بد أن تُتحررها من قيود نفسك..


ما أريد الوصول إليه  :
ألا تـسـمـح لأحـد أن يـسـجـن طـيـــور أفـكـارك أو يخيفها من التحليق على الأقل..
وكـن أنـت لـطـائـر فـكـرتك كالـسـمـاء والـهـواء والغـذاء حتى يكبر وينـطـلــق..

خـتــامـــا صدقوني.. 

أن الفكرة لا تموت إلا بأحد أمرين فـقـط
-الأول : أن يـمـوت حاملها قبل طيرانها .. وهذا قرار لا نملكه..
-الثاني: أن يقتلها حاملها قبل طيرانها .. وهذا القرار بيديك..
لذا فإن في داخلك مخزنين.. أحدهما للرصاص والآخر لطيور الأفكار.. 
فـإمـــا أن تطلق الـرصــاصـة لتقتـل الطائـر..
وإمــــا أن تطلق الــطـــائــــر لـتبني الحـيـــاة..
والقرار بيديك..!؟




 نبض الحياة
د.حسين عيادة









الخميس، 3 أكتوبر 2013

الـحـيــاة لـيـجــو



هل تعرفون لعبة الليجو ؟
نعم أحسنتم .

إنها لعبة القطع والمكعبات التركيبية المتعددة أو (الليجو) والتي مرت على معظمنا إن لم يكن جميعنا في إحدى مراحل الحياة..
كنا نستمتع بتلك اللعبة كثيرا ونحن أطفال بسيطون.. وكنا نحقق فيها أمرا نريده حتى وإن رآه الآخرين عشوائيا لا معنى لها..

أجدني أُشبه الحياة بالكثير من الألعاب ومنها تلك اللعبة..
ففي لعبة التركيبات مجموعة من القطع الصغيرة نعمل على تجميعها خطوة بخطوة ليكتمل المجسم النهائي الذي تصورناه..
وفي لعبة الحياة مجموعة إنجازات ونجاحات صغيرة نحققها خطوة بخطوة لتكتمل صورة الهدف الذي نريده..

وسبب الفشل في صناعة مجسم لـيـجـو لا يخرج غالبا عن أحد الأمور الثلاثة التالية :
- إما أن قطعة ما مفقودة وغير متوفرة بين قـطـعـك وأدواتك  
- أو أن مهاراتك وقدراتك ضعيفة لا تحقق المطلوب للنجاح
- أو أن الصورة في ذهنك لما تريد غير مـكـتمـلة ومشـوشة

واللاعب الجيد يدرك ذلك جيدا..

سأصطحبكم معي في ثنايا قصة فـ.سـ. والذي أعلم قليلا عن أدائه في (لـيـجــو الـحـيــاة )..
فقد عايشته قبل 7 سنوات في أحد الأعمال..وأحزنني حاله وهو ابن بضع وعشرين سنة ولا يحمل إلا شهادة الصف الخامس الابتدائي ، لأنه أمضى طفولته ومراهقته في البادية راعيا للماشية..
لكنه بالمقابل أذهلني بخبر انتسابه لإحدى المدارس الليلية يواصل فيها دراسته بالرغم من كبر سنه إضافة لأنه موظف في إحدى القطاعات الصحية براتب مناسب لاحتياجاته ..


كنت أثني عليه كثيرا وأشجعه في مواصل تعليمه ليكون ما أراد ، وكان يحدثني كل فترة عما يواجهه من مثبطين وحاسدين يتهكمون به ويسخرون منه ويحاولون ثنيه عن مواصلة تعليمه خصوصا أنه كبير في السن وموظف ينال راتبا مناسبا كما يزعمون.

ثم أبعدتنا مشاغل الحياة والعمل عن بعضنا قرابة 5 سنين ، حتى رأيته العام الماضي على غير موعد فبادرته السؤال عن طموحه ومشروعه ؟
عندها طأطأ رأسه حزينا استشعرت على إثره ندما.. وفجأة رفع رأسه ضاحكا وهو يقول: أبشرك تخرجت من الثانوية العامة هذا العام وتمت ترقيتي في العمل لذلك :)
يارباه كم امتلأ قلبي سعادة بحديثه ذاك..

والجميل أن طموحه لم يتوقف.. فأخبرني رغبته مواصلة الدراسة الجامعية وأنه سيحاول جاهدا تحقيق ذلك..فدعوت له وباركت له وحفزته أيما تحفيز..

وتمضي الأيام تلو الأيام.. حتى استلمت منه البارحة رسالة على هاتفي المحمول يخبرني أنه في محاضرة بالكلية الصحية تخصص إدارة طبية ، ثم كتب لي بختام رسالته ما نصه : "يعني ممكن أصير مدير مركز أو مستشفى وتوقع أي شي في حياتك يصير" ..... انتهى .

تلك قصة فـ.سـ. وهو يستمتع بلعبته (ليجو الحياة) التي يريدها..أسأل الله أن يوفقه لمراده..فعلا يستحق الثناء على همته وعزيمته وطموحه..
فهو لاعب جيد أدرك فنون اللعبة حتى وإن لم ينل أرفع الشهادات الأكاديمية ..


خــتــامـــا :



أتـقـن فنـون لعبتك.. واصنع ليجو الحياة خاصتك..
وسـأتــرك البـاقي لــكـم أيها الرائعون والرائعات..
وكما قال فـ.سـ. : "توقع أي شي في حياتك يصير"

دمتم ناجحين.. ^___^





نبض الحياة
د.حسين عيادة